" أما القسوس المدبرون حسنا فليحسبوا أهلا لكرامة مضاعفة ولا سيما الذين يتبعون فى الكلمة والتعليم " ( 1 تى 5 : 17 )

كلمات محبة إلى قدس أبونا مينا رويس:

العودة إلى الصفحة السابقة

كلمة الأستاذ نبيل قصير

أبونا مينا رسالة حب
كانت المرة الأولى التى أحضر فيها القداس بكنيسة الملاك رافائيل وكان اليوم جمعة فى نهاية عام 1986 وبعد إنتهاء القداس وأثناء توزيع أبونا مينا لقمة البركة على الشعب أمام الهيكل وعندما وصلت إليه لأخذ لقمة البركة أمسكنى من يدى وسألنى أنت أول مرة تحضر فيها للكنيسة فأجبته بالإيجاب وسألنى مرة أخرى أنت ضيف هنا أم ساكن جديد بالمنطقة؟
فأجبته بأنى سكنت بالقربى الكنيسة من حوالى ست شهور وكنت اصلى بكنيسة مارمرقس فأخرج نوته صغيرة من جيبه وأخذ اسمى وعنوانى كل هذا أثناء توزيع البركة وطابور طويل خلفى ترك الجميع ليتفرغ لجذب أسرة جديدة للكنيسة. كان هذا أول لقاء مع أبونا مينا... وفى مساء نفس اليوم حوالى الساعة السادسة رن جرس الباب وفوجئت بأبونا مينا ومعه أحد الخدام فى نفس اليوم الذى قابلنى فيه لأول مرة... لم يضيع وقتا بل أسرع بإفتقادى وزيارتى فى نفس اليوم !!

أية محبة وأية خدمة وعمل روحى نشيط شعرته من هذا الكاهن وعرفت بعد ذلك أن هذه عادته دائما لا يترك فرصة لجذب أنفس جديدة للكنيسة والمسيح إلا ويستغلها سريعا.
وتعارفنا وعلم إننى كنت من خدام كنيسة مارمرقس بشبرا قبل سكنى بالمعادى الجديدة, فدعانى للخدمة بالكنيسة وصلى وإنصرف.
ومرت شهور لم أتقدم فيها للخدمة إلى أن كانت دعوته عقب صلاة يوم الجمعة العظيمة فى إبريل 1986 لمن يريد المشاركة فى توزيع بعض عطايا الكنيسة فى العيد لإخوة الرب, أن يحضر للكنيسة فى العاشرة مساءا ووجدت نفسى ألبى دعوته وعندما ذهبت للكنيسة شاهدته واقفا يعد الأكياس التى ستوزع... تارة يقطع اللحم ويجهزه ثم يزن البطاطس والمكرونه والأرز ويعبأها فى أكياس ثم يمسك بالكشوف ويتأكد من البركة المرسلة لكل أسرة حسب عددها ويوزع على الخدام الأسماء والعناوين ليذهبوا ببركة العيد لإخوة الرب.

ووجدت نفسى أنجذب نحو الخدمة مع هذا الأب المحب المتضع الذى يبذل مجهودا جبارا من أجل أولاده فى الرب... وبدأت علاقتى بالخدمة مع أبونا مينا بكنيسة الملاك رافائيل وشاركنى الدكتور إميل بولس زميلى فى الخدمة من كنيسة مارمرقس بشبرا والذى إنتقل للسكن هو أيضا بالقرب من كنيسة الملاك رافائيل, ورغم حداثة وجودنا بالكنيسة والخدمة وتهيبنا لذلك وسط خدام الكنيسة إلا أن محبة أبونا مينا وأسلوبه فى التعامل معنا ومع خدام الكنيسة أذهب إحساسنا بالغربة وأشعرنا أننا كما لو كنا نشأنا من سنوات فى هذا المكان وهذه الكنيسة ووسط خدامها... ووضع أبونا مينا فى يدنا كل أمور الخدمة ودفعنا دفعا لنخدم وسهل قبول الجميع لنا فى وسطهم فغمرونا بحبهم.
وتميزت الخدمة مع أبونا مينا بأنه لم يكن يعارض أى عمل فى صالح الخدمة وعندما كنا نستأذن لخدمة جديدة أو إعادة ترتيب أى عمل يستعفى أن يتدخل قائلا أليس هذا عمل فى صالح الخدمة والمخدومين إخدموا الرب وربنا ينجح خدمتكم. سكان عمله معنا أن يذلل أى عقبة تعترض الخدمة دون تدخل أو محاولة فرض رأى بل حينما نطلب رأيه وتوجيهه لنا يحاول التهرب منا وأنه يثق فى خدمتنا ويدفعنا للعمل بكل تشجيع ومحبة.
وهناك فضل كبير لأبونا مينا فى حياتى فكنت قد تركت الخدمة سنة 1977 لظروف خاصة بى وفعلا كنت أشتاق أن أعود للخدمة وافتقد بركتها فى حياتى وكانت عودتى للخدمة على يد أبونا مينا ودعوته لى للخدمة فأعاد نورها لحياتى كنت أفتقده كثيرا فله لذلك فضلا كبيرا لن أنساه ما حييت.

شاهدن كيف يحبه أهل المنطقة حتى غير المسيحيين وقد حدثت هذه القصة أمامى... ففى عيد النيروز طلبنا توزيع بلح وجوافة ليس على كل الشعب فقط كما إعتاد أن يفعل دائما ليلة العيد بل أيضا فى مدارس الأحد وكانت الكمية المطلوبة كبيرة والوقت ضيق ولم يتبق سوى يوم واحد فأخذنى معه لأحد بائعى الفاكهة الذى رحب بأبونا مينا كثيرا هو وأولاده مهللين ومقبلين يديه وطالبين منه أن يصلى لهم ليرزقهم ربنا ويوسع رزقهم وسط منافسة الآخرين لهم وطلبوا منه ماء مصلى عليه ليرشوه على البضاعة وفى المكان كله ليبارك ربنا فى رزقهم فوعدهم... وأخذنا طلبنا وانصرفنا وسط حفاوة ومحبة رائعة من البائع وأسرته وعند إنصرفنا ونحن فى السيارة قال لى أبونا مينا ما أذهلنى... قال لى تصدق أن هذا البائع وأسرته غير مسيحيين وتعجبت كثيرا لأنهم إحتفوا به ربما أكثر من بعض بل من كثير من المسيحيين. هكذا علمت من خدام الكنيسة القدامى أن الجميع فى المنطقة يحبونه مسيحيين وغير مسيحيين... حقا ما أعجب عمل المحبة مع القديسيين.

شاهدته عند مرافقتى له فى إفتقاده لأهالى البساتين وترب اليهود البسطاء جدا, كيف يحبهم ويحبونه كيف يدخل إليهم ويجلس وسطهم على الأرض وهم حوله يحل مشاكلهم ويجذبهم للكنيسة يأكل معهم ربما لقمة صغيرة ناشفة وقطعة جبن قديمة وهم يفرحون بأن أبونا مينا عندهم ويأكل معهم مما لديهم وعند إنصرافه بعد الصلاة يترك لهم بعضا من المال.
كان بسيطا جدا معهم يشعرهم أنه واحد منهم يعيش مشاكلهم وآلامهم يشعرهم بمحبته ومحبة المسيح لهم فأحبوه وعرفوا المسيح من خلاله فمنهم الكثيرين كما علمت دخلوا الكنيسة لأول مرة على يدى هذا الأب المحب لم يكونوا يعرفوا حتى علامة الصليب أو صلاة أبانا الذى فى السموات ورأيت عجبا منهم من صار يحفظ ألحانا كثيرة بل حتى التسبحة.
رأيته فى أعياد القديسين يفرح بهم ويفرح كل الشعب ويصنع إحتفالا بالكنيسة لكل قديس يزف صورته فى الكنيسة ويقوم بعمل تمجيد لكل قديس مشاركا الشعب معه فأودع محبة القديسين فى قلوب الناس وكان فى عيد النيروز يقوم بعمل تمجيد كبير وعام لكل القديسين والشهداء ويزف صورهم كلهم فى الكنيسة وسط فرح وتهليل كل الشعب بالكنيسة طالبين شفاعتهم فربط بين الكنيسة المجاهدة (شعب الكنيسة) والكنيسة المنتصرة.

كان يحب الجميع ويزور الجميع ويفرح كل بيت مهما كانت بساطته بزيارته لهم فشعر الجميع بأبوته وخاصة البسطاء فأحبوا وأطاعوه وصارت له كلمة بالمحبة عليهم فكان يحل مشاكلهم بسلطان المحبة ويقبل الجميع ما يحكم به بينهم فى حب ويطيعون و تنتهى المشاكل و المنازعات لأن أبونا مينا قال فيطاع من الجميع... وكانت مشاكلهم موضوعة دائما على المذبح يصلى من أجلهم وكان الرب يعطيه حكمة معهم.
أحبه الجميع الشباب والكبار والصغار رجالا وسيدات كان صورة لسيده فى البذل والمحبة والعطاء فأحبوا من خلاله المسيح والكنيسة و القديسين.

يعوزنى الكثير لأتحدث عن أبونا مينا وعن محبته وعن ما رأيته من أعماله فى الخدمة وعن المواهب التى أودعها الله فيه فأثمر بها سواء فى خدمته فى كنيسة الملاك أو فى خدمته فى إيطاليا وكيف وسع الخدمة هناك أنشأ كنائس وكان يخدم هناك وحيدا وصار الآن بفضل تعبه أكثر من كنيسة وأسقف وكاهن يخدم هناك وفى أمريكا رغم قصر المدة التى خدمها هناك - حوالى عام - لكن أحبه الجميع وشعروا بمحبته التى ظهرت وتجلت فى البرقيات التى وردت عند نياحته من هناك بل وفى كميات الورود والزهور التى إمتلأت بها الكنيسة يوم الصلاة على جثمانه الطاهر تحمل شعورهم بالألم لفراق هذا الأب... وكثير وكثير وكثير وكما قال السيد المسيح من ثمارهم تعرفونهم.
ولكن يا أبانا القديس الراحل من أرضنا إلى أرض جديدة وسماء جديدة لم نكن نستحق وجودك معنا. لقد أكملت سعيك وجهادك من أجل إلهك وكنيسته والآن أنت هناك تتمتع بعشرة الرب والقديسين.
فاذكرنا يا أبانا القديس لنكمل أيام غربتنا بسلام حتى نلتقى بك هناك فى الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة فى نور القديسين.

صلى لأجلنا نبيل قصير
 

العودة إلى الصفحة السابقة

صورة للأب الورع المتنيح القس مينا رويس

"كريم أمام الرب موت قديسيه" (مز 115 )

الصفحة الرئيسية | نبذة عن أبونا مينا | كلمات إلى أبونا مينا | مديح أبونا مينا | صور أبونا مينا

راسلونا على البريد الإلكتونى الآتى: info@frminariwes.com

حقوق الطبع محفوظة © 1997-2012

FrMinaRiwes.com