فيض محبة
مر فترة على رحيل أبونا
الطوباوى القس مينا رويس, رحل عن عالمنا الفانى إلى الكنيسة المنتصرة فى
أحضان آبائنا القديسين إبراهيم و إسحاق و يعقوب ولذا أجد لزاما على بعد مرور
عام أن أفى هذا الأب الحنون و الخادم الأمين ولو جزء من حقه فى خدمة الكنيسة
إن كان فى منطقة البساتين أو المعادى أو إيطاليا كلها التى ظل مدة سنتين
بمفرده ثم أربعة سنوات أخرى بردتشستر بنيويورك فى الفترة الأخيرة التى قضى
فيها قرابة السنتين.
كان صورة المسيح وسط شعبه يشهد كل يوم أمام الله و الناس و الملائكة فالشهيد
يشهد مرة وينال الإكليل ويستريح من الدنيا أما أبونا مينا فقد كان يعيش
الشهادة كل لحظة من لحظات اليوم ممتزجة بالتعب معطرة بالعرق والذى يشجعه على
ذلك الرجاء حيث أنه فى كل لحظة يكون شاهدا للحق وناطقا به عملا وقولا يتحول
ذلك كله إلى رصيد من الإكليل فى المجد المنتظر.
وولد أبونا مينا فى 10/12/1946 بمدينة قنا بإسم (ضياء) وتعلم فى المرحلة
الإبتدائية بمدارس الأقصر وحضر مع والده وأسرته إلى القاهرة فى شبرا (الترعة
البولاقية) وذلك عام 1954 ونشأ شماسا وخادما فى كنيسة الشهيد أبى سيفين
والشهيده دميانه بأرض رائف بشبرا وكان خادما فى جمعية الملاك ميخائيل بشبرا
بشارع ميخائيل صليب بالترعة البولاقية. ودخل فى المرحلة الإعدادية مدرسة
الترعة البولاقية الأعدادية ثم مدرسة محمد فريد الثانوية بشبرا وتميز منذ
نعومة أظافره بموهبة جميلة ألا وهى الأذن الموسيقية فقد كان يعزف الألحان
الكنسية على الأكورديون والفلاوت سماعى نظرا لأنه كان شماس يحفظ الألحان عن
ظهر قلب, وكثيرا ما كان يستخدم الآلات الموسيقية كالفلاوت فى التراتيل
والألحان فى رحلات كثيرة يجمع فيها حوله كل الشعب من خلال هذه الموهبة كان
نموذجا مثالى وسط خدمة الشموسية وخدمة التربية الكنسية, إلتف حوله كثير من
الخدام وخلق جو من المحبة والصداقة خلال خدمته فى منطقة شبرا دامت حتى بعد أن
إنتقل إلى منطقة المعادى.
حصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة القاهرة دفعة 1970 وأدى الخدمة العسكرية
والواجب الوطنى على أكمل وجه فإلتحق مجندا فى يوليو 1971حتى إبريل 1980
وإشترك فى حرب أكتوبر المجيده عام 1973.
عمل مهندسا زراعيا بالقطاع الجنوبى للإستصلاح الزراعى بمدينة التحرير وكانت
فترة مثمرة فى حياته لم ينسى فيها أنه خادما وشماسا فخدم فى منطقة عمله بخدمة
القرى المحيطة وشهد له كاهن المنطقة هناك الذى كثيرا ما كان يدعوه أبونا مينا
فى نهضات الكنيسة بالمعادى وكنت أسمع منه ما يسر القلب عن خدمته هناك فى ذلك
الوقت قبل الكهنوت.
ولما إنتقل إلى عمله كمفتش مباحث تموين بمنطقة البساتين بالمعادى كان الكل
يشهد بإخلاصه فى عمله ومحبته للكل كسب قلوب الجميع فكان حتى بعد كهنوته
وبملابسه الكهنوتية يجول بمنطقة البساتين ولا يعتبرونه غريبا عنهم بل بمحبته
كسب الجميع بإختلاف طوائفهم.
كان فى فترة من الفترات مع كونه شماسا بكنيسة مارمرقس بالمعادى أسند إليه
مسؤولية خدمة الشمامسة بالكنيسة فى أيام القمص إسحق صادق قبل سفره لبلاد
المهجر.
كان أول أمين خدمة بكنيسة مارجرجس بحدائق المعادى أسس الخدمة على المحبة
والإخلاص والتفانى وكان أول كاهن من فم قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده
الثالث حفظه لنا الرب وأطال عمره, على مذبح كنيسة رئيس الملائكة الجليل
رافائيل بالمعادى الجديدة وذلك فى 2/11/1980 وأول من فلح بهمة وكد.. وبحب
وبذل وإخلاص وعطاء وتفانى بمناطق كنيسة الملاك المختلفة وعرف الجميع المسيح
والكنيسة بل وأحب الجميع المسيح والكنيسة من خلال خادم الله الأمين القس مينا
رويس ولولا شدة حب شعبه وأولادهم بمنطقة كنيسة الملاك رافائيل لما تقدموا إلى
قداسة البابا بطلب أن يدفن فى كنيسته الأولى وتفضل مع الشكر قداسة البابا
المعظم شنوده الثالث بالموافقة.
ولحكمة قداسة البابا إنتدبه للخدمة بإيطاليا فى 14/7/1989 بروما وميلانو
وتورنو وبريشيا ومختلف البقاع بإيطاليا وألتف الجميع حوله وكل ما يصنع كان
الله ينجحه فيه وظل وحده هناك قرابة سنتين ومدة خدمته هناك تجاوزت الست سنوات
أغلبها بميلانو وأنشأ دير هناك به مزرعة سمى بدير الأنبا شنوده كان يضم ويخدم
كثير من المغتربين هناك خدمة روحية إجتماعية.
ثم إنتدبه قداسة البابا للخدمة بأمريكا بروتشستر بنيويورك وذلك فى 25/12/1995
فرعى شعبه أحسن رعاية (جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعى وحفظت الإيمان وأخيرا
وضع له إكليل البر), عاد إلى الوطن كعادته فى أجازته السنوية إلى الكنيسة
الأم يستمد منها الإمتلاء الروحى والدفعه والقوة الروحية من آبائها وأماكنها
الروحية المختلفة بأديرتها وكنائسها الأثرية أن كان فى وجه قبلى أو وجه بحرى
فقد كان تواقا لأخذ بركة أكبر عدد من الأديرة, مودعا وطنه الأرضى مجهزا للسفر
لوطنه السمائى بعد أن ودع خدمته بأمريكا, تنيح بسلام فى أرض الوطن, رقد فى
الرب يوم الأثنين 12/7/1997, بركة كهنوته وأمانة خدمته تكون معنا, ولإلهنا
المجد الدائم إلى الأبد آمين.
"من يغلب فسأعطيه أن يجلس معى على عرشى" (رؤ
21:3)
|