" أما القسوس المدبرون حسنا فليحسبوا أهلا لكرامة مضاعفة ولا سيما الذين يتبعون فى الكلمة والتعليم " ( 1 تى 5 : 17 )

كلمات محبة إلى قدس أبونا مينا رويس:

العودة إلى الصفحة السابقة

كلمة القمص بولا ناشد كاهن كنيسة الملاك رافائيل المعادى الجديدة

أبونا مينا رويس
عرفته شماسا...... زاملته خادما...... رأيته راعيا
عرفته منذ حوالى خمسة وثلاثون عاما... عرفته شماسا ملتصقا إلتصاقا دائما بالمذبح لا يفوته أسبوعا مهما كانت الظروف. لا أنسى منظره وهو يخرج من بيته فى الصباح الباكر متجها مباشرة صوب باب الكنيسة التى تقع تماما أمام باب بيته (كنيسة
الشهيدين أبى سيفين ودميانه بشبرا) حاملا فى يده (شنطة التونيه) آراه فى بشاشة وهمه وهو ذاهب لمقابلة مسيحه المحبوب نفس المنظر يتكرر وهو خارج من الكنيسة بعد إنتهاء خدمته بعد إنصراف كل الشعب وقد أصبح أكثر نضره وبهجة وفرح وثبات... حقا كان (ضياء رويس) شماسا ملتصقا بالمذبح نفسا وروحا وجسدا.
أعطاه الرب صوتا عذبا أعطاه موهبة الحفظ السريع للألحان ومع ذلك لم آراه أبدا يصلى أو يرتل وهو متعاجب بصوته أو معتزا بموهبته.
أعطاه الرب أيضا موهبة تحفيظ الألحان للآخرين, هناك من لديهم موهبة الحفظ السريع ولكنهم يفشلون فى تحفيظ الآخرين.

أما الشماس (ضياء رويس) فكان يجمع بين الموهبتين ولا يمكن أن أنسى أنه قام بتحفيظى لحن "تين أووشت" الذى يقال أثناء إرتداء ملابس خدمة القداس فى وقت لا يتعدى 15 دقيقة وهو من الألحان القليلة التى أتقنها جيدا.
ثم زاملته خادما للتربية الكنسية فى خدمة فصل واحد لا يأخذ أبدا الشكل التقليدى للمدرس أو المعلم بل يعلم ببساطة وإتضاع, كان دائما بشوشا مداعبا هادئا لطيفا.
لم آراه أبدا محتدا أو ثائرا أو غاضبا رغم المواقف المثيرة التى كان يتعرض لها, كان أمين الخدمة حينئذ الأستاذ فايز عوض (الشقيق الأكبر لنيافة الأنبا بسنتى) أستاذا ومعلما وقائدا ملتزما فى مرح, نشيطا فى وعى, وكان حريصا على الإلتزام الشديد بمواعيد الخدمة, وكان الخادم ضياء رويس يتأخر كثيرا بسبب إلتزامه بخدمة المذبح والتى كان يتبعها بعض الخدمات ولذلك كان يتعرض من أمين الخدمة إلى تأنيب شديد اللهجة مما جعلنا - بدون مبالغة - ننتظر أن يأتى الخادم (ضياء رويس) متأخرا حتى نستمتع بالديالوج بينه وبين أمين الخدمة.
وأخيرا رأيته راعيا أمينا يسكن فى قلب كل فرد من شعبه ويمتلئ قلبه الكبيربكل فرد من شعبه... رأيته راعيا متعايشا مع كل فرد من شعب الكنيسة وخاصة شعب مناطق البساتين مع الصغير و الكبير... مع الغنى و الفقير... مع الرجال و السيدات, رأيته راعيا حيا فى حياة كل أسرة وكل بيت وكل فرد.

عندما دعيت لأخذ بركة خدمة شعب كنيسة الملاك رافائيل فى المعادى الجديدة كان هو قد سافر إلى إيطاليا للخدمة هناك وبدأت فى زيارة شعب الكنيسة سواء فى البساتين أو المعادى الجديدة, فرأيت ولمست وتيقنت من ثلاثة أمور هامة:
الأمر الأول:
إن أبونا مينا رغم أنه قد ترك شعبه بالجسد إلا أن هذا لم يمنع إستمرارية تواجده بالروح مع الناس بل زاد تواجده قوة وعمقا.
الأمر الثانى:
لم يستطع أى أب راعى آخر بسهولة أن يملأ الفراغ الغير عادى والذى لم آراه مسبقا فى خدمة تلك النفوس.
الأمر الثالث:
أن الشيطان قد كسب معركة من معاركه المستمره لتشتيت الرعيه مستغلا ضعفاتنا ونقائصنا...
ولكن كلنا ثقة أن الرب سينتصر بنا بل سيعظم إنتصارنا بالذى يحبنا.
فهو القادر وحده أن يحول الآكل إلى أكلا والجافى إلى حلاوه والضعف إلى قوة والنقص إلى كمال.
رأيت أبونا مينا الراعى المتعلق الدائم براعيته فى كل مرة يأتى إلى القاهرة فى أجازته السنوية فمنذ وصوله المطار يلتقى برعيته ولا يفترقا إلا لحظة توديع شعبه له عند إنتهاء أجازته السنوية ليعود إلى خدمته فى إيطاليا أو أمريكا بعد ذلك وتبدأ من هذه اللحظة ظهور ملامح الغربة الشديدة على وجهه والتى لا أعتقد أنها تزول إلا فى لحظة عودته فى أجازته التالية.
أتذكر أن السيدة زوجته الفاضلة قالت لى عند ملاحظتى لفرحه وإنتعاشه بلقاء شعبه "ده أبونا سواء فى إيطاليا أو أمريكا... قد سمى الشوارع منها بأسماء شوارع وحوارى وأزقة البساتين... وحتى ببعض أسماء محبيه... فهذا شارع مهران وذلك شارع حسن, وتلك ناحية عم مراد وهذه حارة أم أشرف وهذا زقاق أم رضا... بإختصار كان يخدم فى إيطاليا وأمريكا بكل إجتهاد ولكن كنت أرى أن قلبه وروحه هنا فى البساتين.

نعما لك أيها الأب الحبيب و الراعى الأمين, آراك الآن مبتهجا ومتهللا مسبحا تمسك بمزمار وقيثارة سمائيين تمارس بهما أحلى ما أحببت فى حياتك.. حياة التسبيح والفرح الأبدى بعد أن سمعت العبارة المملوءة فرحا من الرب "نعما لك أيها العبد الصالح والأمين", أستطيع أن أتبين عندما أنظر إلى عينيك أنك تقول لنا "أنا أنتظركم هلموا... اكملوا رسالتكم القصيرة على الأرض بأمانة وإجتهاد حتى تأتوا لمشاركتى تسبيحى للرب الإله".

ولعل السماء قد أدركت أن أبونا مينا فى أخر أجازته قبل انتقاله إشتهى أن لا يعود إلى أمريكا وأن يظل مع شعبه فوافقته على رغبته نظرا لمحبته وأمانته. إنى أعتقد أنه لم تكن صدفة أن تنتقل روح أبونا مينا إلى السماء فى آخر يوم فى أجازته... ولم يكن صدفة أن ينتقل وهو وسط شعبه فى إحدى رحلاته الروحية التى أعرف إنه يكون فيها فى قمة الفرح والإنتعاش.

لم يكن صدفة أن يصلى على جثمانه الطاهر ويقام أيضا أول قداس فى الكنيسة الجديدة التى جهزت للصلاة فى أقل من 24 ساعة إشترك كل الشعب رجال وسيدات وأطفال وخدام وشمامسة فى القيام بتجهيزها وإمتلأت عن آخرها بشعبه ومحبيه فى كل مكان.
لم تكن صدفة أن يطلب الشعب بفم واحد راجيا من قداسة البابا أن يهبه نعمة وبركة السماح لجسد أبيهم الحبيب أن يرقد فى الكنيسة التى أحب فيها كل حبة رمل وكل عود أخضر وكل طوبة صماء بالحق نستطيع أن نقول أن أبونا مينا كان يحيا فى إنسجام تام مع نفسه مع أسرته الصغيرة, مع عائلته الكبيرة... مع المذبح... مع الكنيسة أرضها حيطانها بل مع كل نسمة من الهواء حوله.

هنيئا لك يا أبونا مينا, فيقدر ما تألمنا لفراقك بالجسد بقدر ما فرحنا لأنك صرت لنا شفيعا سمائيا بعد أن كنت لنا راعيا أمينا.
لا أشك أنك فى كل لحظة الآن تذكرنا جميعا بلا إستثناء بمحبتك التى تتسع للجميع.
أبى وصديقى العزيز أبونا مينا
أعلم يا أبى أن الجميع يشعرون بأنك موجود معنا بالروح
وجودا أقوى بكثير من وجودك معنا بالجسد
بقدر الفرق بين ضعف الجسد وقوة الروح

أخيك فى الكنيسة المجاهدة القمص بولا ناشد كاهن كنيسة الملاك رافائيل المعادى الجديدة

العودة إلى الصفحة السابقة

صورة للأب الورع المتنيح القس مينا رويس

"كريم أمام الرب موت قديسيه" (مز 115 )

الصفحة الرئيسية | نبذة عن أبونا مينا | كلمات إلى أبونا مينا | مديح أبونا مينا | صور أبونا مينا

راسلونا على البريد الإلكتونى الآتى: info@frminariwes.com

حقوق الطبع محفوظة © 1997-2012

FrMinaRiwes.com